هذه كلمة تعجيب وتعظيم لما فيه العبد، أي لا ينبغي مع ظهور الآيات أن يجنح إلى الكفر قلبُه.ويقال تعرَّف إلى الخلق بلوائح دلالاته، ولوامع آياته. فقال: {وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً} يعني نطفة، أجزاؤها متساوية، {فَأَحْيَاكُمْ}: بَشَراً اختصَّ بعض أجزاء النطفة بكونه عظماً، وبعضها بكونه لحماً، وبعضها بكونه شَعْراً، وبعضها بكونه جِلداً.. إلى غير ذلك.{ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} بأن يجعلكم عظاماً ورفاتاً، {ثُمَّ يُحْييكُمْ} بأن يحشركم بعدما صرتم أمواتاً، {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي إلى ما سبق به حكم من السعادة والشقاوة.ويقال: {كُنْتُمْ أمْوَاتاً} بجهلكم عنّا، ثم {فَأَحْيَاكُمْ} بمعرفتكم بنا، {ثم يميتكم} عن- شواهدكم، {ثم يحييكم} به بأن يأخذكم عنكم، {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي بحفظ أحكام الشرع بإجراء الحق.ويقال: {وكُنتُمْ أمْواتاً} لبقاء نفوسكم فأحياكم بفناء نفوسكم ثم يميتكم عنكم عن شهود ذلك لئلا تلاحظوه فيفسد عليكم، ثم يحييكم بأن يأخذكم عنكم ثم إليه ترجعون بتقلبكم في قبضته سبحانه وتعالى.ويقال يحبس عليهم الأحوال؛ فلا حياة بالدوام ولا فناء بالكلية، كلّما قالوا هذه حياة- وبيناهم كذلك- إذ أدال عليهم فأفناهم، فإذا صاروا إلى الفناء أنبتهم وأبقاهم، فهم أبداً بين نفي وإثبات، وبين بقاء وفناءَ، وبين صحو ومحو.. كذلك جرت سنته سبحانه معهم.